تنقسم وظيفة مندوب لشركات الأدوية إلى أنواع مختلفة عدة، أشهرها مندوب دعاية طبية وهو الذي يتعامل مع الأطباء لإقناعهم باستخدام أدوية شركته دون الشركات الأخرى، أما مندوب المبيعات الطبية فيتركز عمله على توفير طلبيات الأدوية التي تحتاجها الصيدليات، واليكم مميزات وظيفة مندوب مبيعات الأدوية.. ما هي وظيفة مندوب مبيعات لشركة أدوية دخل كبير ومستقبل قصير
ازدياد الطلب على هذه الوظيفة يفسره التوسع في قطاع الدواء العربي إنتاجا واستهلاكا، فضلا عن ارتفاع حدة المنافسة بين شركات الأدوية العربية، عندما أصبح للمادة الفعالة أكثر من اسم تجاري تنتجه الشركات بأسماء وأسعار مختلفة تناسب مستوى كل بلد, دخل كبير، سيارة، واستقرار نسبي.. هذه مطالب يتمناها أي شاب في الوظيفة التي يعمل بها، وهي نفس المزايا التي توفرها له مهنة مندوب في شركات الأدوية التي تزايد الطلب عليها في سوق العمل العربية خلال السنوات القليلة الماضية، رغم أنها تحمل في طياتها سلبيات من أبرزها قصر المستقبل المهني.
وتشير أرقام المنظمة العربية للتنمية الصناعية والتعدين في عام 2005 إلى أن إنتاج الدواء العربي يغطي 45% من استهلاك الدول العربية الذي يقدر بنحو 5.5 مليارات دولار سنويا، وهذا يعني أن النسبة الباقية يتم استيرادها عبر الشركات العالمية التي تجد سوقا رائجة للدواء في منطقتنا.
مواصفات ومزايا
يحدد سعيد مرزوق (30 عاما) الذي يعمل مندوبا للدعاية لدى إحدى شركات الدواء المصرية الشروط المطلوب توافرها في هذه الوظيفة، ومنها أن يكون خريج تخصصات علمية أو طبية مثل الطب والصيدلة وكليات العلوم، حتى يستطيع التحدث عن مزايا الدواء الذي يقوم بالدعاية له. ويضيف لذلك صفات أخرى لازمة لمندوب الدعاية، كقوة الشخصية والجاذبية، والقدرة على الإقناع والعمل تحت الضغط، والمظهر اللائق والثقة بالنفس.
وكما يشير مرزوق فإن مندوبي الدعاية يعملون بنظام الهدف، ولكن بشكل غير مباشر، حيث يطلب منهم الترويج للشركة أو أحد منتجاتها عند الأطباء لتصل مبيعاتها نسبة معينة في هذه المنطقة. ونظام الهدف في شركات الأدوية هو عبارة عن قيمه مالية محددة يجب على المندوب أن يحقق 80% منها، وتبدأ بـ 100 ألف لتتعدى المليون (من عملة البلد: جنيه،ريال، دينار…) حسب قوة الشركة وحجم منتجاتها في السوق وقدرة مندوب المبيعات على توزيع المنتجات.
أقرأ ايضــا..
ويساعد المندوب على تحقيق هدفه أساليب الدعاية التي تستخدمها شركات الأدوية؛ حيث تقدم هدايا للأطباء مثل عينات الدواء المجانية أو الأدوات المكتبية، كما قد يصل الأمر -كما يقول مرزوق- إلى تجديد عيادة الطبيب على حساب الشركة، واشتراكه في المؤتمرات العلمية العالمية، ورحلات عمرة ومصيف وفي حالة الأطباء أصحاب المستشفيات والمراكز الطبية الكبيرة ممن لهم القدرة على تحريك سوق الأدوية لصالح شركة معينة يتم حصوله على نسبة من مبيعات أدوية الشركة؛ وهو ما يطلق عليه البعض “البيزنس القذر”.
ويفسر مرزوق زيادة الطلب على مهنة مندوب الدعاية لشركات الدواء بأن هناك منافسة محتدمة بين شركات الأدوية، فضلا عن انتشار البطالة وانخفاض الأجور في بعض الدول العربية كمصر؛ وهو ما جعل الأطباء سواء البشريين أم البيطريين يقبلون على هذه الوظيفة بعد تخرجهم بهدف ادخار مبلغ مالي يساعدهم على فتح عيادة بعد ذلك.
مندوب مبيعات
أما وظيفة مندوب المبيعات لدى شركات الأدوية فهي أكثر ارتباطا بطلبيات الصيدليات من الدواء والتعاملات المالية معها؛ ولذا فهي تتطلب مؤهلا تجاريا أو مؤهلا عاليا مناسبا، مثلما يرد بإعلانات الوظائف في الصحف، كما يقول حسن محمد الذي يعمل مندوبا لإحدى شركات الأدوية بالدمام شرق السعودية منذ 10 سنوات ويعتبر محمد أن مستوى العملاء سواء أكانوا أطباء أم صيادلة في قطاع الدواء يجعل هذه الوظيفة أفضل من مثيلاتها في شركات أخرى، كما أن حدة المنافسة تغري الشركات الطبية بتقدم مزايا أكبر لموظفيها.
ونظرا لأن الشروط ليست بصعوبة مندوب الدعاية؛ لذا أقدم على هذه المهنة شباب من المؤهلات الجامعية لم يحصلوا على وظيفة في مجال عملهم. ويقول علي عبد الرحمن -33 عاما، مندوب مبيعات أدوية-: “المهم في هذه المهنة هو أن تتقن فن البيع، وهذا يحتاج إلى دورة؛ فأنا خريج تربية رياضية، ولكني تعلمت هذه المهارات وعملت بهذه الوظيفة”.
ووفقا لتقديرات موظفين بقطاع الدواء، فإن دخل مندوب الدعاية أو المبيعات يعتمد على مرتب ضعيف مع عمولة تتراوح مابين 1 إلى 7%. وفي مصر مثلا يتراوح دخل الطبيب الذي يعمل مندوب دعاية ما بين 300 إلى 800 دولار، ويتضاعف هذا المبلغ مرتين تقريبا في دولة كالسعودية، ويقترب دخل مندوبي المبيعات من هذا المبلغ.
يضاف إلى ذلك سيارة خاصة للمندوب تساعده على التنقل المستمر طوال النهار وأحيانا بالليل، كما أن هناك مزايا أخرى كالتأمين وغيرها، ولكن ذلك يتوقف على حجم الشركة وقوتها في السوق العربية.
وكما يرى الدكتور عبد السلام، فإن هناك نظرة فوقية يتعامل بها بعض الأطباء والصيادلة مع مندوبي المبيعات والدعاية لشركات الأدوية، رغم أنهم قد يكونون زملاء وخريجي كلية واحدة؛ وهو ما يؤثر في نفوسهم، ويقلل من قيمة هذه المهنة اجتماعيا؛ فيقبل عليها غير المتخصصين بها، وتنصرف عنها التخصصات العلمية الأنسب لها.
ودعا د.عبد السلام التنظيمات النقابية إلى التدخل لوضع معايير للعمل في هذه المهنة، ولضمان حقوق من يعملون بها. ونبه إلى أن المنافسة الشديدة بين الشركات تجعل هناك ظاهرة “حرق الأدوية”؛ أي “ضرب أسعار أدوية الشركات المنافسة لجذب المستهلكين”؛ وهو ما يجعل المندوب جزءا من هذه الطرق الملتوية.
أما علي عبد الرحمن مندوب المبيعات فيعتبر أن هناك مجهودا بدنيا كبيرا يبذله مندوب المبيعات رغم وجود سيارة، خاصة أنه ينتقل طوال اليوم من صيدلية إلى أخرى، ويعتبر أن عمر هذه المهنة من 5 إلى 10 سنوات، وبعدها لا يستطيع المندوب القيام بنفس المجهود.
ويضيف أنه لاحظ من خلال عمله بهذه المهنة لمدة 10 سنوات أنه من كل 10 شباب تقدموا للعمل بمهنة مندوب المبيعات يستطيع ثلاثة فقط الاستمرار، والتدرج في السلم الوظيفي للمهنة (يبدأ بمندوب مبيعات، يليه مشرف، ثم مدير، ثم مدير مبيعات).
محمد السيد -مندوب دعاية طبي، وخريج كلية الطب (30 عاما)- يقول: إنه يعمل على مضض في هذه الوظيفة بسبب ضعف أجور الأطباء في المستشفيات العامة؛ حيث لا يتجاوز 500 جنيه مصري (الدولار= 5.80 جنيهات مصرية).
ويعتبر أن أبرز سلبية هي أن تلك الوظيفة قد تؤثر على المستقبل المهني لعدد كبير من الأطباء الشباب؛ لأنها تحولهم إلى مندوبي دعاية تحت ضغط المرتب الكبير والسيارة. ويقول: “من الصعب أن يعمل طبيبا لمدة 5 أعوام في هذه المهنة، ثم يعود للطب؛ فساعتها لن يكون طبيبا جيدا، كما أن الاستمرار بهذه المهنة أمر غير محبذ لمعظم الأطباء”. ولكنه يختم كلامه قائلا: “الحياة صعبة.. والأسعار لا ترحم.. والشباب يريدون مالا يكونون بهم أنفسهم ويبدءون حياتهم”.
سلبيات المهنة
لكن خلف المرتب والمزايا التي تقدمها وظيفة مندوب دعاية أو حتى مبيعات الأدوية، هناك سلبيات عديدة لهذه النوعية من الوظائف، أبرزها -من وجهة نظر د.محمود عبد السلام أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة- أنها تمددت في أسواق العمل إلى درجة قد تؤدي لتراجع المزايا المرتبطة بها، كما لم يعد هناك تدقيق في اختيار من يعملون بها.
وأوضح قائلا: “دخول شركات أدوية للسوق ذات الاستثمارات المنخفضة أدى إلى تخفيض المزايا الممنوحة لمندوبي الأدوية؛ حيث يتعامل بعضها بطريقة العمولة دون المرتب، مع زيادة في ساعات العمل، وارتفاع الهدف المطلوب”.
وأضاف أنه لا توجد جهة تحمي العاملين من أي تعسف من قبل الشركات في مصر مثلا، وقال: “حتى خريج كليات الطب والصيادلة، فإن النقابات التي يتبعونها لم تطور آليات لحماية حقوقهم حينما يعملون لدى هذه الشركات؛ وهو ما يجعل مستقبلهم المهني قصيرا في هذه الوظيفة”.